مقدمة الطبعة الأولى
إن الدوافع التى حفزتنى لإنجاز هذا العمل كثيرة ومتعدده يمكن إيضاحها فى النقاط التالية:
أولاً: إيمانى المطلق بأهمية التاريخ وتأثيره الكامل فى تكوين قيم وسلوك الأفراد والمجتمعات. وخلق القدوة لديهم فالتاريخ هو الوجه الأول للحقيقة الذى يتعين أن يكون حاضرا فى كل وقت.
والتاريخ تجارب إنسانية. وكل تجربة إنسانية فى حد ذاتها قصة كاملة تستحق أن تحتويها دفتى كتاب.
والتجربة هنا بعمق كبير. ومواقعها متعددة وبطول متاح بحقائقة – قدره ثلثمائة وخمسون عاماً.
ثانياً: الدافع الثانى هو الكم الكبير من الإفتراءات والأكاذيب التى تراكمت على مر السنين تستهدف أن تنال من هذا البنيان الشامخ لتاريخ عائلة.
تراكم هذا الكم كان لدى أفراد تعددت أسبابهم ما بين الحقد والعجز والحسد. أو الترديد بحسن نية دون أى إعمال للعقل. وفى فترات أخرى متقدمة كانت الأسباب ترجمة للإتجاه السياسى فالكُتَّاب كثيراً ما يكونون على دين ملوكهم.
وفى حالات أخرى نتجت الأسباب – عن القراءة الخاطئة للتاريخ وهى خاطئة لأنها قراءة جزئية إقتصرت على جزء أو موقف أو حدث. ومضت تتباهى بترديد ما قرأت دون أن تستكمل أو تستوضح أو تستجلى. والمعرفة الجزئية بالتاريخ أخطر كثيراً من الجهل به لأنها بداية لاتقر بأنها فقط معرفة جزئية. وكاد الإلحاح بالكذب يتحول فى أذهان الكثيرين غلى حقيقة.
ثالثاً: ثالث الدوافع وأهمها على الإطلاق كان أبنائى وجيلهم من أبناء العائلة. فقد وجدت ان معرفتهم تكاد تنعدم بتاريخهم كعائلة لها إسم وتقتصر المعرفة على القشور. حتى صلات القرابة ودرجاتها لايستطيعون تحديدها ولا يعلمون عنها شيئ وعدم المعرفة أفقدهم منطق القوة فى مواجهة إلحاحات الأكاذيب وإفتراءات العجزة. أفقدهم أيضاً إدراك ما يمثله اسم العائلة من قيم وأصالة. إحتاجت مئات السنين لكى تُوجد وتُخلق وتتشكل. وتنقلت من جيل إلى جيل. تزداد رسوخاً وتأصيلاً ولا تنقص. تأصلت وأصبحت من مكونات نسيج شخصية العائلة. تقود سلوكهم ويضيفون إليها مع الأيام والسنين.
والخطير فى عدم المعرفة هنا يتمثل فى إفتقاد القدوة الجماعية وتشابك الخيوط بين الممنوع والمسموح به وما يجب الحفاظ عليه والتمسك به وما يجب تجنبه والإبتعاد عنه.
كل ذلك حفزنى ودفعنى لإنجاز هذا الكتاب. فليس هناك أخطر من رؤية جيل كامل يفتقد القدوة الجماعية. ويفقد قيّمه المتوارثة ويقف عاريا أمام إلحاحات الكذب التى كادت تصبح حقيقة.
ووجدت كل ما بداخلى يدفعنى بالحاح ويحتم علىّ ضرورة إتمام هذا العمل. خاصة وأن مراجع الفترة التى يتناولها الكتاب جميعها أو معظمها لدّى فى مكتبتى. قرأناها مرات ومرات وماليس فى الكتب. جزء منه عشناه ورأيناه حيا وتشربته خلايانا وشكل كل جوانبنا والباقى نقل إلينا جيل بعد جيل. وجميع ما قرأناها وشاهدناه وسمعناه يجعلنا ننظر وراءنا بفخر وتميز وننظر أمامنا بحرص شديد على أن ينمو ويزداد مالدينا. أو على الأقل يبقى ولا يضيع.
ووجدت أنه من المحتم والضرورى أن المتفرق بين صفحات الكتب والمراجع والعائش فى وجدان الناس والمتنقل على الألسنة من جيل إلى جيل لابد أن يضمه ويجمعه ويحتويه إطار ومرجع واحد فكان هذا الكتاب صفحات من تاريخ مصر عائلة حبيب الحبايبة
والكتاب من جزئين:
الجزء الأول: والذى نبحر حالياً بين ضفافه – يتعرض لتاريخ العائلة وجذورها وأصولها الحقيقة. تعرضاً سريعاً. وبعد ذلك يتناول بتفصيل وتركيز وتأصيل تاريخ العائلة على مدى زمن يمتد ثلثمائة وخمسون عاماً من سنة 1650 م وحتى سنة 2000 م وهو تاريخ لا ينفصل عن تاريخ مصر . تؤثر فيه ويؤثر فيها ويستعرض الأماكن التى عاشت فيها وتنقلت إليها ومواقف وأعمال رجالها والمعارك التى خاضتها والقوى التى واجهتها – كل ذلك فى الفترة من سنة 1650 م حتى سنة 1769 م-1183 ه وهو تاريخ الموقعة الكبيرة والتى من آثارها أنت تفرقت العائلة إلى فروع كثيرة فى أنحاء مصر ما بين الصعيد والمنوفية والقليوبية والبحيرة والغربية والفيوم والشرقية . وبعد ذلك يمضى الجزء الأول متتبعاً الفرع الذى استقر فى المنوفية. ومقتصراً عليه. منذ بدا رحلته سنة 1769 م فى أعقاب المعركة مباشرة وإستقراره فى المنوفية (الزاوية ثم زاوية الناعورة) وحتى الآن. تاركاً سيرة باقى الفروع فى أنحاء مصر وتاريخا لمن شاء من ابنائها أن يكتب أو يؤرخ.
الجزء الثانى: خصصناه لتسلسل وترتيب الأسماء فى نفسم الفترة الزمنية على قدر ما توفر لدينا من معلومات مع تتبع فرع المنوفية. لكى يتاح لكل فرد أن يعرف على وجه الدقة تسلسل إسمه وموقعه من العائلة ونوع ودرجة الصلة التى تربطة بباقى افراد العائلة مع ذكر بعض معلمومات ومقتطفات بسيطة عن كل فرد وفى مقابل إسمه وهى معلومات تناولناها بتفصيل وتأصيل فى الجزء الأول وما فعلنا ذلك فى الجزء الثانى إلا لنحقق درجة من الربط بين كلا الجزئين وليس من الترف أو الوجاهة تخصيص جزء مستقل لترتيب وتسلسل الأسماء لفرع المنوفية فقط فإن ذلك إستغرق وحده مائة وخمسون صفحة وجهد تسعة أشهر وساعات فوق الحصر أمام جهاز الكومبيوتر لترتيب الأسماء والأجيال والمعلومات مقابل كل إسم.
تلك دوافعنا .. وتلك أسبابنا .. وعلى الله قصد السبيل
محمد عمر إبراهيم حبيب